يوافق اليوم الإثنين الذكرى السنوية الرابعة لعملية "حفات جلعاد" البطولية جنوب نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، التي أسفرت عن قتل مستوطن.
ففي مساء يوم الثلاثاء الموافق 09/01/2018، تمكنت خلية عسكرية تابعة لكتائب القسام يقودها الشهيد القسامي أحمد جرار من إطلاق النار بشكل مباشر صوب سيارة يستقلها مستوطن قرب مستوطنة "حفات جلعاد" جنوب مدينة نابلس.
22 رصاصة في غضون 40 ثانية أصابت مركبة المستوطن "رزيئيل شيبح"، وأردته قتيلًا على يد الشهيد أحمد جرار، بعد أن أصيب بجراح خطيرة جدًا.
وكانت الخلية على درجة عالية من التدريب، حيث لاحقت سيارة المستوطن في الظلام وهاجمتها من نقطة الصفر عبر عدة أسلحة، من بينها سلاح أوتوماتيكي نوعي واحد على الأقل ومن ثم توارت في الظلام.
ويعد الحاخام المقتول أحد مؤسسي هذه البؤرة الاستيطانية "حفات جلعاد" غرب مدينة نابلس، والتي شكلت منذ تأسيسها عام 2002 نقطة ارتكاز رئيسية لانتهاكات المستوطنين المستمرة تجاه الفلسطينيين في القرى المجاورة.
سيرة والده
وشهيدنا هو نجل الشهيد القائد في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" نصر جرار، الذي استشهد عام 2002 بعد مطاردات مكثفة ومحاولات فاشلة لاغتياله، وبعد قصف طائرات الاحتلال منزلا كان يتحصن فيه، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه قبل أن يتعرض للهدم عن طريق جرافات الاحتلال بالكامل ويرتقي تحت الأنقاض.
تعرض القيادي نصر جرار للاعتقال عدة مرات في سجون الاحتلال، ورغم صغر سنه حينها، إلا أنه صاحب فضل على الكثير من السجناء فقد أسس وثلاثة آخرين من السجناء الجماعة الإسلامية داخل السجن.
وفي عام 1994 كانت رحلته الطويلة الثانية مع السجن حيث اعتقل وأودع في معتقل مجدّو لمدة أربع سنوات ونصف في الاعتقال الإداري بعد اتهامه بالوقوف خلف عملية الخضيرة التي نفّذها الاستشهادي رائد زكارنة، إلا أن صلابته في أقبية التحقيق لم تثبت عليه شيء.
استشهاد جرار
وبعد حوالي قرابة شهر من تنفيذ عملية "حفات جلعاد" استشهد المجاهد أحمد نصر جرار نجل القائد الشهيد نصر جرار، في السادس من فبراير 2018، خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في بلدة اليامون قضاء جنين.
وولد أحمد نصر جرار عام 1994، وينحدر من واد برقين غرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية، وتلقى فيها تعليمه وحصل على شهادة جامعية في إدارة المستشفيات.
عاش الشاب المجاهد أحمد جرار يتيما منشغلا بالتجارة بعيدا عن المظاهر الاستعراضية، متخفيا عن الأنظار وأضواء الكاميرات.
وبعد تنفيذ هذه العملية عاد جرار إلى مزاولة أعماله التجارية اعتياديًّا وبكل هدوء أعصاب، إلى أن حاصرت وحدات من القوات "الإسرائيلية" منزله واقتحمته في 18 يناير/كانون الآخِر 2018.
وقالت والدته إنها لم تكن تعلم أنّ ابنها مطارد أو مستهدف، ولم تشعر حتى بوجود أي نشاط سياسي أو عسكري له قبل محاصرة واقتحام منزلها، أما هو فقد تمكن من مغادرة المنزل قبل وقت يسير من وصول قوات الاحتلال، واختفى أسابيع، كثفت فيها قوات الاحتلال مطاردته والبحث عنه دون جدوى.
وخلال أكثر من ثلاثة أسابيع اجتاحت قوات الاحتلال قرى عدة، واقتحمت أكثر من مرة قرية وادي بورقين، مسقط رأس أحمد جرار، واعتقلت أقاربه وشبانا آخرين، إلى أن استشهد في اشتباك في قرية اليامون بقضاء جنين بعد مطاردة استمرت نحو شهر.
وتحول جرار إلى "بطل" ونموذج للشاب المقاوم، وأطلق المواطنون عليه لقب "شبح جنين" وغيرها من الأوصاف والألقاب التي تعبر عن الاعتزاز والإكبار لابن جنين الذي أعاد سيرة والده مقاومةً واستشهادًا.