في نهاية سبتمبر عام 2000 فجّر الشعب الفلسطيني انتفاضة جديدة أطلق عليها فيما بعد اسم "انتفاضة الأقصى".
استمرت إلى أربع سنوات، هذه الانتفاضة كانت بسبب الاحتلال الصهيوني وإرهابه أساسيًا ولكن كانت عربدة المجرم الإرهابي شارون واقتحاماته للمسجد الأقصى القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث كان هذا السبب الآني المباشر وقتها، وأمام هذه الذكرى نسوق بكلمات مباشرة ومختصرة عدة معطيات ارتبطت بهذه الانتفاضة.
أولاً: هذه الانتفاضة هي من أطول محطات النضال الفلسطيني ومن أقواها فعلاً ورد فعل من الاحتلال والمقاومة.
ثانياً: جاءت الانتفاضة بعد فشل أوسلو بعد قيامها بست سنوات، بعد أن أخذ الاحتلال ما يريد ولم يأخذ الفلسطينيون أدنى ما يريدون.
ثالثاً: عززت خيار المقاومة في مواجهة خيار التسوية والاستسلام حيث كان من نتائجها الإندحار الصهيوني من محافظات غزة بعد أن ارتفعت فاتورة بقاء الاحتلال في أرض غزة .
رابعاً: بسبب أثر الانتفاضة على الاحتلال غيّر الأخير مع الأطراف المعنية النظام المتفق عليه لشكل السلطة الفلسطينية، ففرضوا منصب رئيس الوزراء بعد أن كان رئيس السلطة هو الذي يرأس الحكومة وفرضوا هذه الطريقة على رئيس السلطة ياسر عرفات وأتوا برئيس السلطة الحالي محمود عباس كأول رئيس وزراء ليحدّوا من صلاحيات أبو عمار قبل اغتياله دون أن تقدم السلطة إلى الآن ملف الاغتيال والجهات المتورطة فيه إلى الرأي العام.
خامساً: سجل الإعلام الفلسطيني والإعلام الحر العامل في فلسطين في هذه الانتفاضة نجاحات ملموسة، وبتقديري أن هذا الإعلام الوطني والحر في فلسطين بدأ يسجل مزاحمة للإعلام الصهيوني في تثبيت الرواية الفلسطينية الحقيقية في وجه الرواية الصهيونية الكاذبة. وبعدها إلى الآن وصل الأمر إلى ما بعد المنافسة الجزئية إلى تسجيل نقاط قوة ونجاحات رغم استمرار قوة ونفوذ وانتشار الإعلام الذي يدور في فلك الصهيونية عالمياً.
وبعد هذه السنوات مازال المشهد يتكرر: صلف صهيوني واقتحامات يومياً للمسجد الأقصى وتعاون أمني بين ما بقي من كيان السلطة والاحتلال، وإعادة برامج التسليح المشروط للأجهزة الأمنية، كل ذلك يقابله فكر انتفاضة الأقصى من الشباب الثائر في كل مدن فلسطين والذي يؤكد كفره بمشاريع التسوية والاستسلام والتنسيق الأمني والتطبيع ويؤكد إيمانه بخيارات المقاومة الشاملة والمستمرة للحفاظ على فلسطين: الأرض والمقدسات والإنسان.