أفردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرًا بعنوان “ثلاث عائلات وحي الشيخ جراح”، يكشف فيه كاتب المقال التاريخ الحقيقي للمنزل الذي يقطنه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في القدس.
ووفقًا للصحيفة، فإن عائلة يهودية من الولايات المتحدة وصلت إلى إسرائيل عام 1949، ولم يكن لديها مكان للسكن. في ذلك الوقت، كانت القدس المحتلة غنيّة بعقارات مسروقة، حيث طُرد الفلسطينيون أو هربوا من غرب المدينة.
أما المنزل، فكان قَدَره مثل آلاف المنازل الفلسطينية، حيث سقط في حوزة عائلة يهودية هاجرت للتو من الولايات المتحدة عام 1949، بعد أن اشترته بثمن بخس لم يُدفع إلى أصحابه بالتأكيد.
هل تعلم بان #نتنياهو يسكن بمنزل #بالقدس سرقه والده في ١٩٤٨ من طبيب أرذوكسي مسيحي فلسطيني يدعى #توفيق_كنعان وهو مناضل سياسي وباحث ومؤرخ من عائلهً ثريه من اهم كتبه "قضية عرب فلسطين"دافع من خلاله عن الهويه العربيه/#الاسلاميه #المسيحيه ببلاد الشام بالاضافه الى مؤلفاته بالطب والسياسه pic.twitter.com/YxYUqm3Zc4
— إحسان سلايطه| Ihsan Salaita (@IhsanSalaita) January 1, 2024
أصبح منزل آل كنعان في النهاية إرثا لأخوين يهوديين، باع أولهما، واسمه عيدو، حصته "المنهوبة" فيه عام 2016 إلى المليونير الأميركي "سبنسر بارتريدج" مقابل 4.24 ملايين شيكل (1.2 مليون دولار)، في حين بقيت ملكية النصف الثاني من المنزل الكائن اليوم في 4 شارع هبورتسيم في حي القطمون في القدس في يد الأخ الثاني، ويُدعى بنيامين، بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي.
لا شيء أصدق أنباءً بماضي إسرائيل وحاضرها، بل ومستقبلها، من قصة منزل نتنياهو وأمثاله من البيوت المنهوبة التي يسكنها الإسرائيليون، حيث تظل شواهد تاريخية يصعب طمسها أو محوها.
وقد وصف المؤرخ الإسرائيلي آدم راز في كتابه "نهب الممتلكات العربية في حرب 1948" كيف تورطت مختلف فئات المجتمع الإسرائيلي بين عامي 1948 و1949 في تنفيذ سرقات ممنهجة للقرى والمدن الفلسطينية، حيث خرج المستوطنون في جميع أنحاء الأراضي المحتلة ونهبوا المتاجر ومقتنيات المنازل الفلسطينية، وذلك بالتواطؤ مع السلطة الإسرائيلية.
إذ رأوا في سياسات السطو المنظمة هذه وسيلة لإخلاء أرض فلسطين من سكانها وتحقيق واحدة من أكثر خرافاتهم شعبية، وهي أن تصبح فلسطين "أرضا بلا شعب، لشعبٍ بلا أرض".
ففي أعقاب النكبة والتهجير، كان على القادة الإسرائيليين حينذاك شرعنة هذا الوضع الاستثنائي الغاصب بسرعة لمنع عودة الفلسطينيين إلى ممتلكاتهم بعد انتهاء الحرب.
وقد استندوا في تبريراتهم تلك إلى المزج بين سلسلة من الأساطير والمقولات "التوراتية" التي تجعل كل أرض "بال فيها يهودي" أو "سفك فيها دما" ملكا له، وبين القوانين والتشريعات الجائرة التي صُمِّمت خصوصا لنهب الأملاك التي هجرها أصحابها قسرا، وأبرزها قانون أملاك الغائبين الصادر عام 1950 وقانون استملاك الأراضي الصادر عام 1953، التي مَثَّلت أهم أذرع السلطات الإسرائيلية في الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين منذ زمان النكبة.
وقد منح الوصي على الممتلكات المنهوبة العائلة منزلًا فارغًا للسكن فيه، وفي نهاية عام 1959، اشترت العائلة هذا المنزل بمبلغ 16500 ليرة، وهو سعر اعتُبر صفقة مذهلة لفيلا تمتد على 581 مترًا مربعًا في وسط المدينة، بينما كانت شقة من ثلاث غرف في بات يام تُباع حينها بـ32 ألف ليرة.
من هو المالك الشرعي؟
توفي والدا العائلة، وورث المنزل ابنان له، وباع أحدهما حصته البالغة 50% بـ4.24 ملايين شيكل، بينما احتفظ الأخ الآخر، وهو بنيامين نتنياهو، بالنصف الآخر. وقد عاد نتنياهو مؤخرًا إلى استخدام المنزل، الذي يُعتبر ملكية فلسطينية مسروقة، ويُعتقد أن المالك الشرعي له هو الدكتور توفيق كنعان الراحل وورثته
وفي اقتراح لحل وسط، اقترح الكاتب تسليم منزل آل كنعان في شارع هبورتسيم لعائلة سالم التي تقطن في الشيخ جراح، مقابل تسليم منزل سالم لعائلة نتنياهو، معتبرًا أن ذلك سيكون خطوة مفيدة على الصعيدين الإنساني والقانوني.
وكان الدكتور توفيق كنعان طبيبًا وباحثًا معروفًا، وله تاريخ طويل في مجال الطب والفولكلور الفلسطيني. وعانت عائلته من عمليات النهب والتدمير خلال النكبة، ولم تتمكن من العودة إلى منزلها الذي فقدته.
أما عائلة سالم، فقد عاشت في حي الشيخ جراح مدة 70 عامًا، لكنها تواجه الطرد من منزلها لصالح المستوطنين اليهود، وهو ما جاء نتيجة لسلسلة من القوانين العنصرية والتلاعبات القانونية داخل إسرائيل.