قبلت الأمم المتحدة بواسطة لجنة خاصة تتعلق بالمسائل السياسية وإنهاء الاستعمار، مساء أمس الجمعة، التوجه إلى المحكمة الدولية في لاهاي، وإلزامها بإبداء رأيها القانوني بخصوص شرعية الاحتلال "الإسرائيلي".
وصوتت 98 دولة لصالح توجه السلطة الفلسطينية من بينها: بلجيكا وتركيا والبرازيل ومصر وإيرلندا والأردن والمغرب وبولندا وسلوفينيا وأوكرانيا والإمارات.
فيما صوتت 17 دولة ضد التوجه بينها كندا والولايات المتحدة الأميركية والتشيك وألمانيا وأستراليا والنمسا وإيطاليا؛ في المقابل امتنعت 52 دولة عن التصويت.
ورحبّت الخارجية الفلسطينية بالتصويت الجامع للدول الأعضاء في الأمم المتحدة لصالح "قرار الممارسات الإسرائيلية والأنشطة الاستيطانية التي تؤثر في حقوق الشعب الفلسطيني".
وقالت إن "هذا القرار احتوى فقرات تعالج الآثار القانونية الناجمة عن الخرق المستمر من إسرائيل لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني من خلال منظومة الاستعمار، والفصل العنصري القائم على اعتماد تشريعات وتدابير تمييزية، وفي ظل الممارسات والجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال وأدواتها المختلفة".
وأشارت إلى الطلب الفلسطيني من محكمة العدل الدولية الإجابة عن السؤال حول طبيعة وشكل هذا الاحتلال طويل الأمد، وغير القانوني وجرائمه، وضرورة تحديد مسؤوليات وواجبات إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، والمجتمع الدولي ككل، والأطراف الثالثة، والمنظمة الأممية في إنهاء هذه الظاهرة التي تشكل جذر الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وعدم الاستقرار، والسلم والأمن في المنطقة.
وأعربت عن شكرها للدول الشقيقة، والصديقة التي تبنت، ورعت القرار، وتلك التي صوتت لصالحه، إضافة إلى كل من ساهم في هذا الإنجاز التاريخي، داعية الدول التي لم تدعم القرار للاتساق مع قواعد القانون الدولي، وألا تقف على الجانب الخاطئ من التاريخ، ومراجعة مواقفها هذه التي تشجع الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي، ولا تدعم السلام والاستقرار في المنطقة.
وعبرت عن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذا الظلم التاريخي بحق الشعب الفلسطيني، المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي، من خلال العمل الجاد، واستنادا للقانون الدولي، وممارسة الضغط من أجل إنهاء انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، وإنهاء الاحتلال، وكذلك ضمان حماية الشعب الفلسطيني من وحشية الاحتلال الإسرائيلي، بأدواته المختلفة من حكومة وجيش الاحتلال، وميليشيات المستوطنين، وتفعيل المساءلة والمحاسبة لردع المجرمين الإسرائيليين وتعزيز العدالة.
واعتبرت الحدث انتصارا وإنجازا دبلوماسيا، وقانونيا فلسطينيا ودوليا، وعملا تراكميا للدبلوماسية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، والمستند إلى عمل دؤوب من الخارجية الفلسطينية وبعثاتها في الخارج، والقانونين الوطنيين، والدوليين، ومراكمة على مخرجات التقارير القانونية الدولية، للقانونيين والأكاديميين الفلسطينيين والدوليين.
وشددت الخارجية على أن هذا القرار التاريخي، المتسق مع القانون الدولي ليس إجراء أحاديا، بل عملا متعدد الأطراف بامتياز، وأنه سيفتح حقبة جديدة لمساءلة "إسرائيل" تنفيذا لقرارات القيادة الفلسطينية، وخطاب محمود عباس في الأمم المتحدة، وأن الدبلوماسية الفلسطينية وبعثاتها في الخارج تقوم بتنفيذ الإستراتيجية القانونية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وجرائمه، وصولا إلى تفكيك هذه المنظومة الاستعمارية، ونظام الأبارتهايد، وكشف وفضح ومحاسبة كل الجهات التي تعمل على تشجيع ودعم بقاء هذه المنظومة غير القانونية على أرض دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس، حتى إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق الأسمى في تقرير المصير، والاستقلال والعودة للاجئين.
وكشف تقرير صحافي "إسرائيلي"، في وقت سابق، أن الحكومة "الإسرائيلية" سعت إلى عرقلة مساعي السلطة الفلسطينية بإلزام محكمة العدل الدولية في لاهاي، بإبداء رأيها القانوني بخصوص شرعية الاحتلال الإسرائيلي.
وأفاد التقرير الذي أوردته القناة 13 الإسرائيلية، مساء الثلاثاء، بأن المسؤولين في تل أبيب يتخوفون من رأي المحكمة غير الملزم من الناحية القانونية، ويرون أن لهذه الخطوة تبعات دبلوماسية ودولية "ذات أهمية خاصة" قد تكون ضارة لإسرائيل، ومن شأنها أن تعرض قادة قوات الأمن الإسرائيلية لخطر الملاحقة القانونية.
ووفقا للتقرير فإن الإدارة الأميركية الحالية كانت ضالعة في المحاولة الإسرائيلية لعرقلة الخطوة الفلسطينية المتمثلة بتقديم مقترح للأمم المتحدة، يطالب أعلى هيئة قضائية دولية، بإصدار رأي استشاري يقدم للجمعية العامة، حول "قانونية" الاحتلال الإسرائيلي.
والرأي الاستشاري الذي قد تصدره محكمة العدل الدولية غير ملزم، وهو مجرد "فتوى قضائية" تتمثل بعرض الرأي القانوني من جانب المحكمة على الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنه ينطوي على أهمية كبيرة بما أنه صادر من أعلى جهة قضائية دولية تتكون من قضاة ينتمون إلى أغلب النظم القانونية في العالم، وبالتالي إذا ما أجمع هؤلاء على رأي معين فإن هذا الرأي يشكل مرجعية قانونية بالنسبة للمسألة المطروحة، كما يشكل عرضا للموقف القانوني الدولي من هذه المسألة.
وفي 21 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أدان خبراء في أعلى هيئة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، احتلال إسرائيل للأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقبلية عليها، قائلين إنه "مخالف للقانون الدولي" ويتأصل بشكل متزايد.
كما ناشد الخبراء الأعضاء في لجنة تحقيق أممية خاصة، محكمة العدل الدولية، إبداء الرأي في القضية. وجاء بيانهم في تقرير إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وخلص التقرير إلى "وجود أسباب معقولة تدعو للاستنتاج أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية بات غير قانوني بموجب القانون الدولي نظرا لاستمراره وسياسات الحكومة الإسرائيلية للضم بحكم الأمر الواقع".
ويركز التقرير المؤلف من 28 صفحة على تعزيز المشروع الاستيطاني وتوسعه، بما في ذلك البيانات التي أدلى بها "مسؤولون إسرائيليون" ويشيرون فيها إلى اعتزامهم استمرار السيطرة الدائمة على الأرض، بما ينتهك القانون الدولي. واستنتجت لجنة التحقيق الدولية أنه "تقع على إسرائيل، إثر استمرارها باحتلال الأرض بمفعول القوة، مسؤوليات دولية ولا تزال مسؤولة عن انتهاك حقوق الفلسطينيين أفرادا وجماعات".
ودعت لجنة التحقيق الأممية الخاصة إلى إحالة طلب عاجل يستفتي محكمة العدل الدولية بشأن الآثار القانونية الناشئة عن استمرار الرفض الإسرائيلي لإنهاء احتلالها للأرض الفلسطينية، مشيرة إلى أنه "بموجب القانون الدولي الإنساني، فإن احتلال أرض ما خلال الحرب هو وضع مؤقّت ولا يحرم السلطة الواقعة تحت الاحتلال من وضعها كدولة أو من سيادتها".
واستنتج التقرير أن سياسات وإجراءات الحكومة الإسرائيلية "التي تفضي إلى استمرار الاحتلال والضم بحكم الأمر الواقع" قد تشكل عناصر من جرائم بموجب القانون الجنائي الدولي، بما في ذلك جريمة الحرب المتمثلة بنقل، بشكل مباشر أو غير مباشر، جزء من سكانها المدنيين إلى أراضٍ تحتلها، والجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بالترحيل أو النقل القسري.
وصرح عضو لجنة التحقيق، كريس سيدوتي (من أستراليا) قائلا إن "إجراءات الحكومة الإسرائيلية التي نظرنا بها في تقريرنا تشكل منظومة احتلال وضم غير شرعية ويجب معالجتها". وأضاف أن على النظام الدولي والدول التحرك والوفاء بالالتزامات بموجب القانون الدولي، "ويجب أن يبدأ ذلك بالدورة الحالية للجمعية العامة وإحالة الوضع إلى محكمة العدل الدولية".