عاش طريدا وقضى شهيدا وما زال القاتل حرا طليقا

الذكرى الـ 7 لاغتيال الشهيد عمر النايف بسفارة السلطة في بلغاريا

الشهيد عمر النايف

يوافق اليوم (26 شباط/فبراير)، الذكرى الـسابعة لاغتيال الشهيد عُمر النايف، الأسير المحرر، والمطارد من قبل الاحتلال لأكثر من عقدين، عقب نجاحه بالفرار من سجون الاحتلال، وانتهى الأمر باغتياله في سفارة السلطة الفلسطينية في العاصمة البلغارية صوفيا عام 2016.

واتهمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جهاز الموساد "الإسرائيلي" بالتدبير لاغتيال عمر النايف، ولم تنفِ أن يكون هناك دورٌ من بعض أفراد سفارة السلطة الفلسطينية في تمرير العملية والمشاركة فيها.

وحمّلت الجبهة الشعبية في ذلك الوقت السلطات البلغارية مسؤولية إغلاق ملف القضية استجابة لضغوطات الاحتلال، أو تزوير الحقائق، والتهرب من مسئولياتها في إعداد تقرير طبي شامل عن تفاصيل استشهاد عمر.

من هو النايف؟

ولد الشهيد عمر نايف زايد، عام 1963 م، في بلدة اليامون قضاء مدينة جنين شمال الضفة المحتلة، وانتمى في صغره إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأصبح فيما بعد أحد قادتها.

منتصف العام 1986 م، نفّذ النايف عمليةً فدائيّة، أدت لمقتل مستوطنٍ يبلغ (24 عامًا)، وهو "إلياهو عميدي". وقد نفّذ العملية بالاشتراك مع شقيقه "حمزة النايف"، الأسير المحرر، وصديقه سامر المحروم، الأسير في سجون الاحتلال حتى هذه اللحظة.

اعتقلت قوات الاحتلال النايف وشقيقه وصديقه، وحوكموا ثلاثتهم، وحصلوا على أحكامٍ بالسجن المؤبّد لكلٍ منهم. وقد لاقى عُمر معاناة صعبة جراء التعذيب الذي مارسته بحقّه عناصر مخابرات الاحتلال داخل السجون.

خاض الشهيد عُمر إضرابًا مفتوحًا عن الطعام عام 1990، أدى إلى تدهورٍ في وضعه الصحيّ، وبعد 40 يومًا قضاها في معركة الإضراب تم نقله إلى مستشفى فلسطيني في بيت لحم، وقد نجح خلال تواجده بالمستشفى بالفرار، وخرج فيما بعد من الأراضي المحتلة.

وصل النايف إلى بلغاريا عام 1995، وتزوّج وعاش فيها حياةً طبيعيّة ورزق ثلاثة أطفال يحملون الجنسية البلغارية، وحاولت سلطات الاحتلال بشكلٍ مستمرّ المطالبة باعتقاله وتسليمه، بحجّة الاتفاقيات المعقودة مع الاتحاد الأوروبي بشأن تسليم المطلوبين.

وفي منتصف ديسمبر عام 2015، قدمت النيابة العسكرية التابعة للاحتلال "الإسرائيلي"، رسميًا وللمرّة الأولى، طلبًا لدى وزارة العدل البلغارية بتسليم "عمر النايف"، وصدر قرارٌ من النيابة العامة البلغارية باعتقاله إلى حين التقرير بشأن وضعه.

اضطر عمر للجوء إلى سفارة السلطة الفلسطينيّة في بلغاريا لحمايته، خصوصًا بعد تهديده بالقتل، وحسب ما ورد فيما بعد، أنه تلقى ضغوطاتٍ كبيرة من قبل السفارة الفلسطينية، وقد حيكت المؤامرة ضده من أجل تسليمه، ولم يجد الحماية فيها آنذاك.

في ذلك الحين، هددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سفارة السلطة الفلسطينية من إمكانية تسليم النايف للسلطات البلغارية، وقالت "إن عمر لجأ لسفارة السلطة الفلسطينية باعتبارها الموقع الطبيعي والوحيد الذي يمكن أن يوفر له ولكل فلسطيني الحماية القانونية والسياسية".

صباح يوم الجمعة 26 فبراير 2016، وُجِدَ النايف مضرجًا بدمائه في ساحة مبنى سفارة السلطة الفلسطينية في بلغاريا، وقد تبيّن وجود ضربات على وجهه وجسده، وقال سفير السلطة في صوفيا حينها، أنّ "النايف وُجد داخل سيارة في السفارة". لا كما نُقلت الرواية الأصلية حسب البلغاريين وزوجته.

وقالت حينها بعض المصادر الرسمية الفلسطينية أنّ النايف عُثر عليه مصابًا وقد نُقل حتى توفي في المستشفى، وقد دُعيت زوجته رانيا النايف من قبل السلطات البلغارية، وتم تبليغها أنّ زوجها قد يكون خاض عراكًا قبل اغتياله، وذلك لوجود آثار الضرب على جسده.

وقد شكّلت السلطة الفلسطينية لجنة تحقيق عاجلة، بأمرٍ من رئيس السلطة محمود عباس. وتوجّهت اللجنة مباشرةً إلى صوفيا لمباشرة دورها، والذي فيما  تعطّل لاحقا بسبب مماطلاتٍ عدّة وعدم جديّتها في العمل الموكل إليها.

هذا وقد بقيت قضية النايف بين مماطلة السلطات البلغارية، والسلطة الفلسطينيّة، ودورهما في مساعدة مرتكب الجريمة الأول، الاحتلال، في إخفاءها، مدةً طويلة، حيث لم تُكشف تفاصيلٌ جديدة حول الأمر، ولم يتم التوصل لمرتكبها، إلى حين أعلنت محكمة النقض البلغارية استخراج جثمان النايف لإعادة التحقيق فيه، لاغيةً قرار السلطات البلغارية بأنه "مات منتحرًا".

يوم الجمعة 10 يونيو 2016، شُيّع جثمان عمر النايف ووري الثرى في صوفيا حيث اُغتيل بعد عقدين كاملين، ملاحقًا ومطاردًا من قبل الاحتلال.

وكانت الجبهة الشعبية دعت كافة كوادرها وأنصارها وأصدقائها، والجاليات الفلسطينية والعربية، والقوى والأحزاب الأوروبية الصديقة للمشاركة في مراسم تشييع جثمان النايف.

ووري الجثمان الثرى في مقبرة بوتانتس بالمدينة، وأقيم بعد التشييع حفل وداع للشهيد في صوفيا، ألقى فيها رفاقه كلمة الوداع، فضلاً عن كلمة للعائلة والجالية الفلسطينية.

وصدر قرارٌ في ديسمبر/ كانون أول الماضي، بإغلاق ملف التحقيق في قضية اغتيال عمر النايف، من قبل السلطات البلغارية، التي قالت أنّ الحدث يعتبر "انتحارًا" وليس اغتيالًا، حسب ادعائها.

ورفضت بلغاريا حينها تسليم زوجة النايف أيّ وثائق أو مستندات تتعلق بقضية عمر، بعد إغلاق الملف.

من جانبها، نفت رانيا النايف، زوجة عمر، الرواية البلغارية، ورفضتها، كما رفضت مجريات التحقيق البلغاري، وقالت عائلته أنّ "بلغاريا تتحمل المسؤولية، في حين توصف إسرائيل بأنها المستفيد الأكبر من ذلك".

  الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رأت أن الموقف البلغاري "مستهجن" منذ البداية ويبرر للاحتلال تصفية وملاحقة المناضلين وفيه إعفاء من عاونه من المسؤولية.

فيما بعد، قالت الجبهة أنها تركت الأمر لكتائب أبو علي مصطفى الجناح العسكري التابع لها وهو "المؤتمن" على ذلك.

ولا تزال قضية النايف بعد عامين كاملين من اغتياله، مشوشّة وغير واضحة، لكن الحقيقة الوحيدة الظاهرة فيها أنّ هناك تواطئًا ثلاثيًا كبيرًا، يجمع السلطة الفلسطينية مع السلطات البلغارية، في مساندة الاحتلال "الإسرائيلي"، وما غاب عن ذلك التشويش، أنّ النايف كان شبحًا يطارد العدو الصهيوني طوال ربع قرن، رغم وجوده في مكانٍ آخر من الأرض بعيدًا عن دولة الاحتلال.

المصدر : شهاب - وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة