عادل ياسين

بيت العنكبوت آيل للسقوط

بيت العنكبوت آيل للسقوط ...

نعم إنها الحقيقة التي يحاول قادة الكيان تجاهلها والتشكيك فيها عبر محاولات استعراض القوة العسكرية والمكانة السياسية والقدرات التكنولوجية وتَمَرُس أساليب الخداع لتجميل صورة كيان محتل والادعاء أنه دولة إقليمية عظمى 

إلا أن هذه المحاولات تحاكي من بنى قصرا من رمال على أرض متحركة أو قصرا من ثلج على أرض ملتهبة لا يستطيع الصمود أمام شمس الحقيقة 

ولعل أخر دليل على بدء تهاوي هذا الكيان هو الضجة التي تلت تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي عبر فيه عن قلقه مما يحدث في (إسرائيل) وشعوره بالخطر الداهم على وجودها في حال تفاقم الصراع الداخلي الذي وصل إلى مرحلة غير مسبوقة؛ لكن القلق الأمريكي ليس حبا في "إسرائيل" بل لإدراكه أن ما يحدث بات يشكل تهديدا حقيقيا على قدرتها للاستمرار في القيام بدورها في المنطقة ككيان وظيفي يحافظ على المصالح الأمنية للولايات المتحدة في المنطقة.

مؤشرات تفكك الكيان 

ما بين الدعم الأمريكي والتنسيق الأمني 

الأكذوبة التي تحاول إسرائيل ترويجها والتأكيد عليها بين حين وأخر بأنها قادرة على حماية نفسها بنفسها تتكشف بوضوح في ضوء تحذيرات خبراء الأمن وكبار المحللين الإسرائيليين من استمرار الأزمة مع الولايات المتحدة واعترافهم العلني بأنها تشكل مظلة حديدية للحفاظ على بقاء (إسرائيل) وأن بقاءها مرهون بما تقدمه الولايات المتحدة من دعم عسكري وغطاء سياسي.

ما يزيد من الأمور وضوحا هو حرص "إسرائيل" على حضور قمتي العقبة وشرم الشيخ والإعلان عن استعدادها لتقديم المساعدة لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية لكي تمكنها من القيام بدورها التقليدي ومواصلة التنسيق الأمني لإحباط العمليات وهو ما يكشف عمق التحديات والصعوبات التي تواجه "إسرائيل" في القضاء على جذوة المقاومة في مناطق الضفة.

وهنا يطرح السؤال: هل ستتمكن إسرائيل من الحفاظ على بقائها ووجودها في حال توقف المساعدات الأمريكية وتوقف السلطة عن التنسيق الأمني...؟؟؟

انعدام حالة الاستقرار السياسي

تكرار الانتخابات لخمس مرات منذ عام 2019 وما تخللها من سقوط سريع لحكومة نفتالي بينت التي تشكلت من ثمانية أحزاب متعددة الألوان ومتناقضة الرؤى والأيديولوجيات، والصعوبات التي تواجه حكومة بنيامين نتنياهو في تمرير القرارات في الكنيست رغم تشكلها من لون واحد وتمتعها بالأغلبية النسبية عدا عن الخلافات بين مكوناتها التي تتراوح بين اليمين إلى اليمين الوسط إلى اليمين المتطرف، والتي وضعت نتنياهو أمام مأزق داخلي في كيفية السيطرة على وزراء اليمين المتطرف وكبح جماحهم  ومأزق خارجي في تسويق هذه الحكومة التي باتت توصف بالحكومة الفاشية والعنصرية دوليا.

لنصل إلى نتيجة مفادها أن تكرار الانتخابات أو تشكيل حكومة متعددة الألوان أو حتى حكومة ذات لون واحد لن يكون حل للخروج من الأزمة أو إعادة بعض الاستقرار للحلبة السياسية. 
حكومة وتحديات

لعل من أهم مهام أي حكومة كانت هو قدرتها على التعامل مع التحديات الخارجية وتحقيق الاستقرار على حدودها عدا عن فرض سيطرتها والقضاء على التهديدات الداخلية ؛ لكن الناظر للواقع الذي تعيشه "إسرائيل" حاليا يدل على أن قوة ردعها تراجعت وأن  تحدياتها الخارجية قد تراكمت مع زيادة التهديدات سواء في المنطقة الجنوبية أو الشمالية, في المقابل تمكن "أعداؤها" من تحقيق إنجازات وصياغة معادلات جديدة لم تكن لتقبلها "إسرائيل" في مرحلة سابقة – فعلى سبيل المثال تمكنت المقاومة في غزة من تثبيت معادلة الربط بين الساحات التي أجبرت "إسرائيل" على تغيير سياستها في مناطق الضفة والقدس ومنعتها من القيام بعملية عسكرية واسعة تحاكي عملية "السور الواقي".

كما أظهرت عملية مجدو الأخيرة خشية "إسرائيل" من القيام برد عسكري في لبنان لتجنب الدخول في مواجهة مع حزب الله لإدراكها قدرة حزب الله على إيلام جبهته الداخلية.

أما عن التهديدات الداخلية فإن ما يشهد الشارع الإسرائيلي من زيادة لحالات العنف واستمرار الصراع الدامي بين عصابات الإجرام المنظم وانعدام ثقة المواطنين بأجهزة الأمن وقدرتها على فرض سيطرتها لهو خير دليل على أن هذه الحكومة غارقة في متاهات التحديات الخارجية والتهديدات الداخلية.

ما يزيد الأمر تعقيدا هو تفاقم حدة الانقسام في ظل ما يشهده الشارع الإسرائيلي من احتجاجات رافضة للتعديلات القانونية وأخرى مؤيدة لها وما يتخللها من أعمال عنف متبادلة دفعت العديد من المحللين والسياسيين لوصفها بالتهديد الوجودي على إسرائيل لما تمثله من تفكك للحصانة الاجتماعية وما يترتب عليها من بدء تفكك مؤسسات الكيان من الداخل.

هذه المؤشرات وغيرها تدل على أن زوال هذا الكيان شبه حتمي لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت – ولعل أدق من وصف هذه الحالة هو رئيس الموساد تامير باردو حينما قال إن إسرائيل بدأت بتشغيل منظومة الإبادة الذاتية وهو ما ينسجم مع قاله رئيس ركن الاستخبارات سابقا عاموس جلعاد إن "إسرائيل" تشبه القصر الذي تأكله الديدان من الداخل.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة