قال الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة، إن الاحتلال منذ تأسيسه، كانت تسكنه الخشية تاريخياً من التناقضات الداخلية، ويعيش فقط على التسويات المؤقتة، وهي مبنية على الوضع القائم وتوافق مختلف شرائح المجتمع على الطبيعة المؤقتة للدولة.
وأكد هلسة خلال حديث خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، أن المتدينين في بداية إقامة الكيان أرادوه دولة دينية وبن غوريون رفض هذه الفكرة، وذهب باتجاه ترسيخ مبدأ التسويات واستغل انقسام المتدينين من أجل تحقيق ذلك، وهذا المبدأ الذي بقي سائدًا حتى وصول اليمين القومي الديني للحكومة الحالية.
وأضاف أن اليمين القومي الديني يحمل هدفين، الأول موجه إلى الخارج في علاقته مع العرب والفلسطينيين، بأنه لا يؤمن بفكرة التدرج والدبلوماسية، ويريد قلب المشهد لمصلحته كما يحصل في داخل المسجد الأقصى المبارك، موضحًا أن "الهدف الثاني الذي يحمله اليمين، هو موجه للداخل وهي تقول بأننا لن نبقى على الهامش داخل المجتمع الإسرائيلي، وأن يبقى للعلمانيين المساحة الواسعة جدًا، ويتصرفوا كما يريدون ويفرضوا عليهم ما يشاؤون، كما فعل طوال السنوات الماضية".
وتابع هلسة، أن الهدف الثاني يعتبر لدى مستوى كبير من الإسرائيليين هو تهديد لما يسمى بين قوسين "إسرائيل"، وأنه لم يعد مكانًا آمنًا للعيش لأنه سيضيف مساحة الحرية، مثل النساء والمثليين، ودعاة العلمانية وغيرهم، لأنهم إذا أرادوا تطبيق ما يرفضونه سيذهبون لتطبيقها بالقوة لأن هذا هو مبدأ المتدينين لديهم.
واعتبر هلسة أن ما يجري حاليًا داخل الكيان من احتجاجات ليس تعبير فقط عن رفض التعديلات القضائية، بل إنه انتهاك لحدود التسوية التاريخية التي رسمت وبنت العلاقة داخل المجتمع الإسرائيلي.
وأشار إلى نظرية مهمة عمقها "هرتسل" في عقل السياسيين الإسرائيليين، وهي إيجاد عدو يهدد بني إسرائيل بشكل دائم ليضمن وحدة هذا الشعب، وجميع حكومات الاحتلال المتتالية عمدت إلى إيجاد عدو وبعبع يخوفون به المجتمع بشكل دائم حتى تبقى المتناقضات خامدة.
ولفت هلسة إلى أن تصريح وزير حرب الاحتلال السابق "بني غانتس"، قبل أيام، بأن أي حرب سنخوضها سننتصر فيها، لكن في الحرب الداخلية ربما تكون لا، لأن هذا الأمر الذي يقلقهم أكثر، والأكثر قلقًا من أي حرب قادمة، وهذا دليل على أهمية ما يجري ومخاوف الجميع منه.
وأوضح أن الحليف الأكبر والراعي لهذا الكيان، الولايات المتحدة، خرج رئيسها وصرح بخطاب حاد عن الحكومة اليمينية الحالية، وتلى الرئيس سفير الولايات المتحدة داخل الكيان، بتصريح مفاده بأن الأمور ذاهبة نحو الفوضى.
واستطرد هلسة بالقول، بأن هذه التصريحات ليست حبًا في العرب ولا في الفلسطينيين ولا من أجل مسار سياسي، هذا لأنهم يخشون من انعكاسات الأزمة الداخلية، وهم لن يبقوا واقفين يتفرجون على ما يحصل، لأن بقاء الاحتلال القوة العسكرية الأولى هي مصلحتهم.
وختم هلسة حديثه بالقول، إن مستوى التحريض حاليًا في داخل المجتمع الإسرائيلي غير مسبوق، ويمكن أن ترى ذلك في حجم المعلومات والمعلومات المضادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والشحن المتواصل، وعمليات الحشد لجمع أكبر أعداد للمشاركة في المسيرات التي تدعو لها المعارضة.