كتائب الشهيد عز الدين القسام تعمل بحرفية عالية وتتحرك مقاييس مضبوطة ومحسوبة (بالليبرة) وهي آلة دقيقة تستخدم في المقاييس الدقيقة، هذه الحسابات التي انتهجتها كتائب القسام كانت واضحة في رسالتها من خلال ما نشرته من فيديو عن شاؤول والجنود الاسرى السبت الماضي مما شكل صدمة لنتنياهو قبل عقد الكابنيت الإسرائيلي لمناقشة السبل لأعاده جنوده المأسورين لدي المقاومة
القسام خلط الاوراق أمام الكابنيت وحدد له مسار النقاش ، ثم وجه القسام صفعة قوية على وجه نتنياهو الذي يعمل على تضليل الكابنيت والشارع الاسرائيلي عندما يصر أن الجنديين قتلا وهو يريد اعادة جثمانيهما إلى ذويهم وهو يجهل مصيرهم ولا توجد لديه معلومات حقيقية عن حقيقة أسرهم ، وهل هم أحياء أو أموات ؟ كم عددهم اثنان، أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة ، وهل هناك جثث إلى جانب الاحياء وكم عددهم ؟، كل هذه المعلومات لا أحد يعلمها إلا الله ثم كتائب القسام.
فيديو القسام كان واضحا ويحمل دلالات على أن هناك أحياء وهناك مقعد كما ظهر في الفيديو كرسي متحرك ، وقد يكون هذا الكرسي من أجل إثارة ذوي الجنود الاسري وقد يكون حقيقي، لذلك أكد الفيديو أن نتنياهو يكذب ويضلل وهو الأن أمام حقيقة هو ومجلس وزراءه المصغر والرأي العام الاسرائيلي أن هؤلاء الجنود منهم على الأقل أحياء.
هناك تحركات داخل المجتمع الإسرائيلي حول الجنود الاسرى ولكنها تحركات خجولة وهناك مطالب من ذوي الجنود للتحرك من قبل نتنياهو في هذا الملف حتى وصل الأمر بأن وصفت عائلة الجندي هدار جولدن الذي أسر في رفح عندما اعلن نتنياهو انعقاد الكابنيت لمدارسة سبل اعادة جثث الجنود قالت أن نتنياهو رفع الراية البيضاء أمام حماس وهذا كان قبل الفيديو فكيف بعد نشر الفيديو ؟ نتوقع أن يزداد تحرك الشارع في الضغط على المستوى السياسي الاسرائيلي لتفعيل الملف.
يبدو أن هناك تغيرات على قناعة نتنياهو في موضوع الجنود الاسرى بعد أن أهمل الملف لأكثر من عامين ، ثم على ما يبدو أن نتنياهو يريد إشغال الرأي العام الاسرائيلي عن قضايا فساد يشتبه بارتكابها، ثم على ما يبدو أن نتنياهو يريد تحقيق مكاسب سياسية في ظل تراجع شعبيته وفق استطلاعات الرأي وهو يريد استمالة الجمهور من خلال تحريك ملف الجنود الاسرى.
ما يهمنا كشعب فلسطيني هو تحرير أبنائنا الاسرى من سجون الاحتلال وهذا هو هدف القسام وحماس من عملية أسر الجنود ، كما أن حماس والقسام لا يعنيها كثيرا من يكون الوسيط فيما بينها وبين الاحتلال وإن كانت معنية أن تكون مصر هي الوسيط لمصالح سياسية وغير سياسية.
القسام بالفيديو هو يشكل أجندة النقاش داخل المجتمع الاسرائيلي العام والسياسي ويحدد مساره ، ونتنياهو الذي جرب تفاوض القسام في شاليط يدرك طبيعتها ومواقفها، وأنه خلص في نهاية تسويفه ومماطلته أنه لابد من تفاوض لعودة الجنود الاسرى وإلا سيكون هناك مزيد من الاسر حتى يقتنع نتنياهو أو غيره من القادم لعرش إسرائيل أن التفاوض أقصر الطرق.
عشرة على عشرة كتائب القسام كنت مجيدة وعملتي بحرفية عالية وعقلية متطورة تدرك الوقت المناسب والكيفية التي يمكن أن تصل فيها لما تريد، وإذا لم يقتنع نتنياهو ومجلس حكومته المصغر برسائل الفيديو الاخير فلدى القسام الكثير ولكن صراع الادمغة يتطلب الصبر واللعب بحرفية وفن متقن.