تقرير - شهاب
يرى الخبراء في الشأن "الإسرائيلي" أن فرص نجاح جهود الوساطة "الإسرائيلية" لوقف الحرب "الروسية الأوكرانية" قد تكون شبه معدومة، في ظل عدم امتلاك الكيان أي أوراق قوة تؤهله للتأثير على الأطراف.
ويحاول الاحتلال "الإسرائيلي"، الاستفادة من الأمر الواقع المفروض على العالم حاليًا نتيجة "الأزمة الروسية الأوكرانية"، رغم "دموع التماسيح" التي ذرفها على الضحايا الأوكرانيين في بداية الحرب، متناسيًا الجرائم اليومية التي ما زال يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
هذا ما أكدته تصريحات وزير القضاء الإسرائيلي جدعون ساعر الذي رفض اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا؛ كون "ذلك يمهد لإدانة إسرائيل بإرتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين؛ لأنها "الدولة" التي رفعت ضدها أكبر عدد من الدعاوى أمام محكمة الجنايات الدولية".
وتظهر تغطية وسائل الإعلام الإسرائيلية لحرب روسيا وأوكرانيا متابعة حثيثة لتفاصيل يومياتها، بما فيها ذكر أسماء الضحايا، وأوضاع الإصابات، ودمار البنى التحتية، فيما يتجاهل ذات الإعلام العنصري الارتقاء اليومي للشهداء الفلسطينيين، ولو كان معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
"فشل مبكر"
الخبير في الشأن "الإسرائيلي" عدنان أبو عامر، اعتبر أن "إسرائيل أعلنت فشل وساطتها مُبكرا". وذلك بعد أن كشفت وسائل إعلام أن رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت، قد أبلغ وزراءه أنه لم يعرض وساطة بين الأطراف المتحاربة في روسيا وأوكرانيا إنما "ناقل رسائل".
وحذر أبو عامر من أن الاحتلال يستغل هذه الأزمة كما غيرها لتعزيز الهجرات اليهودية ومحاولة زيادة أعداد اليهود المحتلين داخل فلسطين المحتلة، ما يعيد للأذهان الهجرات اليهودية في بدايات إنشاء المشروع الصهيوني، وما قبله بسنوات، وبداية إنشاء الييشوف اليهودي.
وذكر أن موجات الهجرة اليهودية ومنها الأوكرانية المتوقعة وفق تقدير الجهات الاحتلالية تساهم مباشرة في التغيير القسري للميزان الديموغرافي لمصلحة اليهود على أرض فلسطين المحتلة، كما ساهمت سابقًا في تغيير جغرافي/ سياسي بإقامة دولة الاحتلال في 1948، ثم سيطرتها على ما تبقى من فلسطين وأراضٍ عربية أخرى عام 1967.
"فرض نجاح ضئيلة"
كما اتفق الخبير في الشأن "الإسرائيلي" د. صالح النعامي بأن "فرص نجاح وساطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بينت بين روسيا وأكرانيا، والتي تمثلت في زيارته لموسكو، ضئيلة للغاية".
وقال إن "المعني بالوساطة بين طرفين يجب أن يكون لديه روافع ضغط على كليهما أو على طرف واحد على الأقل، وهذا ما لا تملكه إسرائيل".
وأضاف النعامي أن "إسرائيل" لا تملك أوراق قوة يمكنها استخدامها ضد روسيا، بل على العكس هي تحتاج موافقة روسيا لضمان مواصلتها العمل عسكريا في سوريا، وهذا يضعف موقفها كوسيط أكثر.
وأشار إلى أنه "في الوقت ذاته، تجاهلت إسرائيل استعطاف أوكرانيا مدها بالمنظومات الدفاعية، لدرجة أن الرئيس زيلنسكي رفض اتصال بينت، كما كشفت قناة 12 العبرية".
وعدّ أن زيارة بينت إلى موسكو وبرلين ولقاء بوتين والمستشار الألماني، تأتي في إطار تسويق ذاته داخليا في ظل تهاوي شعبيته وللتدليل للإسرائيليين أن مؤهلاته "كرجل دولة" وسياسي على صعيد دولي لا تقل عن مؤهلات سلفه نتنياهو.
ونشر النعامي، جانب من نتائج تحقيق لصحيفة "هآرتس" العبرية، يدلل على أن مؤيدي اليمين في "إسرائيل" يبدون في مواقع التواصل دعما كبيرا لبوتين في حربه على أوكرانيا.
وعقب قائلا إن "الرأي العام الإسرائيلي بأغلبيته الساحقة مؤيد لليمين. من مرد على الإجرام والسادية لا يرى في تبني غيره لها شذوذا، بل القاعدة والأصل".
"لعبة مكشوفة"
ولم يختلف الخبير في الشأن "الإسرائيلي" عادل ياسين أيضا، بأن فرص نجاح وساطة الاحتلال "شبه معدومة"، واصفا ما يقوم به نفتالي بينت بأنه "أكاذيب لا تنطلي على أحد ولعبة مكشوفة للاصطياد في المياه العكرة لتحقيق مكاسب سياسية والحفاظ على مصالحه الأمنية باستخدام أسلوبه القديم الجديد".
وتساءل ياسين في حديثه لـ"شهاب": هل ثارت حمية وإنسانية "بينت" فجأة لينطلق إلى روسيا منتهكا "حرمة السبت" ليصنع السلام وينقذ البشرية من أهوال الحرب وويلاتها وكيف يمكن لهذا الكيان الذي بنى مجده الزائل على أنقاض الشعب الفلسطيني وتمرس في تشريده وتعذيبه واستخدم أحدث آلات الدمار والقتل بحقه على مدار عشرات السنين أن يلبس عباءة الإنسانية الزائفة ليلعب دور الوسيط لحل الازمة الإنسانية في أوكرانيا.
ووفق ياسين، فإن روسيا ليست غبية لترضى بمثل هذه الوساطة؛ لكنها هي المتوفرة حاليا في ظل رفض جميع قادة العالم الالتقاء بالرئيس بوتين.
وأشار إلى أن بوتين يدرك حاجة "إسرائيل" لمواصلة عملياتها لوقف التمدد الإيراني في سوريا وإحباط محاولات نقل الأسلحة الإيرانية المتطورة من سوريا إلى لبنان.
"كيان وظيفي"
وذكر أن بوتين على قناعة بأنه أمام زعيم لكيان وظيفي يمكن استغلاله كوسيلة لاختراق الموقف الدولي وكسر جدار العقوبات التي فرضها على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا وفي المقابل مواصلة تطبيق خطته العسكرية للسيطرة على أوكرانيا وإخضاعها للإرادة الروسية
وأضاف ياسين أن "مفعول السموم بدأ يتجلى على أرض الواقع بدءًا من سوريا مرورا بأوكرانيا التي يذرف عليها قادة الكيان دموع التماسيح".
وتابع إن "روسيا شددت من مواقفها وكثفت ضرباتها وفي المقابل واصلت "إسرائيل" اعتداءاتها في سوريا"، مبينا أن ذلك "يتناقض مع محاولاتها المتكررة لإحباط أي محاولة للتوصل لاتفاق بين إيران والدول العظمى".
وأفاد ياسين بأنه "بعد أن فشلت "إسرائيل" في إقناع الولايات المتحدة والدول الأوروبية تشديد العقوبات على إيران وإدخال تعديلات على الاتفاق المتبلور بما ينسجم مع مصالحها، سارعت إلى روسيا لتجنيدها للقيام بهذا الدور وتحذيرها من إمكانية استبدال النفط والغاز الروسي بالنفط والغاز الإيراني بعد رفع العقوبات عن إيران".
وأكد أن "مباركة الولايات المتحدة والدول الغربية للخطوة التي أقدم عليها نفتالي بنت لا تنم بالضرورة عن رضا وقناعة بل باعتبارها ورقة التوت التي قد تساعدها في التغطية على فشلها وعجزها عن إيقاف الغزو الروسي رغم إدراك الجميع أن فرص نجاحها شبه معدومة".