عن الخطوة التَّالية والانعكاسات المستقبليَّة...

مذكِّرتا الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت: هل من الممكن أن نشهد اعتقالهما؟وما القادم؟ خبراء قانون يجيبون

مذكِّرتا الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت: هل من الممكن أن نشهد اعتقالهما؟ خبراء قانون يجيبون

في خطوة تاريخيَّة بعد مسار طويل من الظلم للشعب الفلسطيني، أصدرت المحكمة الجنائيّة الدوليّة، الخميس، مذكّرتَي اعتقال ضدّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه السابق، يوآف غالانت، على خلفية مسؤوليتهما عن جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة،

وفي قرارها، أكّدت المحكمة وجود "أسباب منطقية للاعتقاد" بأنّ نتنياهو وغالانت، قد أشرفا على جرائم ضد المدنيين في الفترة ما بين 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و20 أيار/ مايو، الموعد الذي قدّم فيه المدعي العام كريم خان في أيار/ مايو الماضي، طلب إصدار مذكرات الاعتقال ضدّهما.

ما قيمة القرار التاريخي بعد مساؤ طويل من الظلم للشعب الفلسطيني ؟

من جهته، أكد مدير مركز "عدالة" الحقوقيّ، د. حسن جبارين، أن هذا القرار هامّ جدا، وبالإمكان أن نقول إنه من أهم القرارات التي اتُّخذت في المجال القانونيّ، منذ بدء الاحتلال، والفرق بين هذا القرار والقرار الذي يتطرّق لمسألة الجدار أو القرار بشأن عدم قانونية الاحتلال؛ أنّ هذا القرار يمكن تطبيقه، خلافا لقرار عدم قانونية الاحتلال، الذي يصعب تطبيقهما، وإنما تم إصدارهما ’كتسجيل موقف، أو توصية قانونية’.

وأضاف، "أما الآن فنحن في المجال الجنائيّ، وأساس هذا المجال العامل التنفيذيّ والتطبيقيّ، لذلك هناك أهمية كبيرة جدا، وبإمكاننا أن نقول إنه قرار تاريخيّ".

وحول ما مدى جديّة القرار، أوضح جبارين، أن  هذا قرار جدي ّلأنه يفرض على 124 دولة من الدول التي وقّعت على معاهدة روما أن تطبّق جميع قرارات المحكمة، وبخاصة في مسألة الاعتقال، لذلك فإنّ كّل هذه الدول الآن أمام سؤال مهم؛ وهو هل ستعتقل نتنياهو أو غالانت في حال سنحت لها الفرصة، وإذا ما وصلا إليها؟

كيف قد يؤثر قرار الجنائية الدولية على علاقات إسرائيل الخارجية؟، يرى مدير مرز عدالة بأن الجواب يخصّ عامل التنفيذ والتطبيق، ويبدو لنا أن غالبيّة الدول ستعلن أنها تحترم هذا القرار، وستقوم بتنفيذه إذا سنحت لها الفرصة، إلا بعض الدول، وبالطبع الولايات المتّحدة غير الموقِّعة على اتفاقيّة روما.

وتابع، "حريّة الحركة لدى نتنياهو وغالانت لم تعُد مثل الأمس، فبالأمس كانت لهما خيارات عديدة في مسألة مغادرة إسرائيل إلى دول مختلفة، إلا أن هذه الوضعية قد تغيّرت اليوم، لذلك، في رأيي، ستقيَّد حريّتهما بمغادرة إسرائيل".

هل من الممكن أن نشهد اعتقالهما، أو اعتقال أحدهما فعلا؟

بين جبارين، في حديثه، أنه من الأمر وارد من ناحية قانونيّة، ومن الممكن أن يصلوا لدولة لم تُعلن أنها ستطبّق هذا القرار، ولكن محامين، ومنظّمات حقوق إنسان، ستقدّم طلبات باعتقالهما من أجل تطبيق قرار المحكمة الجناية الدوليّة، لذلك، هنالك وضعية خطر عليهما.

لكنه استدرك قائلًا، "ولكن اعتقال رئيس حكومة ليس بالأمر السهل، ولدى جهاز الموساد الإسرائيليّ أدوات فحص وتقصّي حقيقة الوضع في كلّ دولة يقوم بزيارتها نتنياهو أو غالانت.وبالفعل، فإنّ تقارير صحافيّة عديدة تشير إلى بدء الموساد بالعمل في هذا الصدد، وهذه التصرّفات هي تصرفات شخص قام بجريمة، وتعبّر عن عقلية مجرِم؛ لذلك نرى هذا التصرّف من الموساد، ومن دولة إسرائيل."

واستطرد في هذه النقطة، "علينا أن ندرك دائما أن تنفيذ وتطبيق القانون الدوليّ هو شأن سياسيّ، وأنه مرتبط ومتأثّر بقرارات سياسيّة للدول، والتطبيق منوط بهذه المواقف، لذلك، هل ستتملّص بعض الدول؟ نعم سيتملّص قسم من الدول من تنفيذ هذا القرار؛ لكن، ستُخلَق حالة جديدة في المجتمع الدوليّ، وحتى أن دولا تُعدّ ’صديقة’ أو ’صديقة حميمة’ لدولة إسرائيل مثل ألمانيا أو إنجلترا، ستكون هناك إمكانيّة لمؤسسات حقوقية، أو محاميي حقوق الإنسان في هذه الدول، أن يطلبوا من دولتهم اعتقال نتنياهو وغالانت إذا ما وصلا إلى بلادهم، وتطبيق قرار الجنائية الدولية، حتّى لو كان الموقفّ السياسيّ للدولة ينصّ على عكس ذلك".

وخلص بالقول، "إن مجرّد إمكانيّة تقديم طلب من هذا النوع، سيجعل كلًّا من نتنياهو وغالانت أن يحسب ألف حساب بالسفر لدول من هذا النوع، وفق رأيي؛ وهذه وضعيّة قانونيّة جديدة، لم تشهدها إسرائيل في السابق، وتحوّلت قيادة إسرائيل للمرة الأولى إلى قيادة ملاحَقة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة".

ومن جهته، أوضح رئيس المحكمة الجنائية الدولية السابق القاضي النيجيري شيلي إيبوي-أوسوجي أنه من الممكن أن تعتقل هذه المحكمة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والمتهمين الآخرين الذين من المتوقع صدور مذكرات توقيف ضدهم خلال الفترة المقبلة.

وأجاب أوسوجي على أسئلة وجهتها له "فورين بوليسي" الأميركية بشأن اختصاص المحكمة العليا بالحرب بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة، خاصة وأنه كان من المعلوم -كما أشارت المجلة- إلى أن المحكمة لم تستطع اعتقال متهمين من قبل بينهم الرئيس السوداني السابق عمر البشير والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف أن المشكلة المباشرة للمسؤولين الإسرائيليين، بموجب أي مذكرة توقيف للمحكمة الجنائية، ستكون أن الدول الأعضاء البالغ عددها 124 ستكون ملزمة قانونا باعتقالهم إذا سافروا إلى أي من تلك الدول "ولا ينبغي التقليل من شأن هذا الالتزام. ففي العام الماضي فقط، ألغى بوتين خططه لحضور قمة بريكس في جنوب أفريقيا، في ضوء ما يبدو من التزام بريتوريا باعتقاله".

أوضح الرئيس السابق للجنائية الدولية أنه ورغم أن الكثيرين، بما في ذلك الحكومة الأميركية ووسائل الإعلام، شككوا في اختصاص هذه المحكمة ودعوها إلى التراجع، فإن للمحكمة الفصل في شرعية سلوك كل من إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الحرب.

وردا على ما زعمه نتنياهو من أن مذكرات الاعتقال الصادرة من الجنائية الدولية ستضع إسرائيل في قفص الاتهام، قال أوسوجي إن هذا الزعم خاطئ إذ تقتصر محاكمات الجنائية الدولية على مساءلة الأفراد عن سلوكهم المزعوم كجرائم، ولن توجه لائحة اتهام إلى إسرائيل أو الإسرائيليين.

وأكد أوسوجي أن الجنائية الدولية يمكنها محاكمة المسؤولين الإسرائيليين بتهمة التواطؤ في الجرائم التي يزعم أن جنود جيش الاحتلال ارتكبوها في الأراضي الفلسطينية، على الرغم من أن إسرائيل ليست طرفا في معاهدة روما التي تأسست بموجبها الجنائية الدولية.

كما أوضح أن لهذه المحكمة الحق في مقاضاة الجرائم المرتكبة على أراضي دولة طرف في المعاهدة سواء كانت المدعى عليها طرفا في نظام روما الأساسي أم لا، لأن فلسطين دولة عضو في المعاهدة.

وأشار إلى أن هذا المبدأ القانوني استخدم بحالة روسيا، التي ليست طرفا في نظام روما. ففي عام 2022، دعت مجموعة من 39 دولة، بما في ذلك فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، الجنائية الدولية إلى التحقيق في الغزو الروسي لأوكرانيا. وأدى ذلك لإصدار المحكمة مذكرة توقيف ضد بوتين لارتكابه جرائم حرب على الأراضي الأوكرانية، وهي خطوة أشاد بها الرئيس الأميركي جو بايدن.

وعلق المدعي العام للجنائية الدولية السابق بأنه سيكون من التناقض أن تقبل أي من هذه الدول اختصاص المحكمة بالرعايا الروس ولا تقبلها على الإسرائيليين.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة